ارجو ان تستفيدوا
الفصل الرابع - الفصل الخامس
نهاية السلطان جلال الدين
أضواء على أحداث الفصل :
عاش السلطان ( جلال الدين) حياة حزينة بالهند، يتذكر فيها مُلكه الذَّاهب، وأهله الهالكين ويَتَسلَّى بطفليه (محمودٍ وجهادَ)، ويفكر فى الانتقام من التتار، ويتحين الفرص للانقضاض عليهم.
أخذ رجاله يحرضونه على العودة إلى بلادهم للانتقام من التتار، فتجهز للسير إليهم سِراًّ ، وكان فى حيرة بالنسبة لولديه ، أيتركهما فى الهند أم يأخذهما معه؟! ، وانتهى به الرأى إلى أخذهما معه، وخاصة أنه كان قد رَبَّاهما على الفروسية وتَحمَُّل مشاق الحروب، وجعل محمود يعيش منذ صغره على فكرة الانتقام من التتار وإحياء ذكر جده العظيم (خوارزم) وتوالت انتصارات السلطان على التتار حتى استولى على إيران.
أعد (جنكيز خان) جيوشاً جرارة بقيادة أحد أبنائه للانتقام من جلال الدين فاستعد له بجيش سمَّاه (جيشَ الخلاِص) والتقى الفريقان فى معركة رهيبة ثبت فيها جيش المسلمين للخلاص من التتار حتى باد معظم جيش المسلمين، واستمات الباقى فى الصمود للتتار، ولم ينقذهم إلا رَباَطَةُ جأش السلطان وحماسة الأمير محمود وتعاون أهل بخارى وسمر قند المسلمين الذى لحقوا بجيش جلال الدين، وهاجموا التتار من الخلف على غَِّرة، وأعملوا فيهم سيوفهم حتى أبادوهم عن بكرة أبيهم، وتصافح الفريقان من المسلمين (جيش جلال الدين ومجاهدى بخارى وسمر قند) .. وقُِتلَ فى هذه المعركة (ابن جنكيز خان) قائد جيش التتار بضربة واحدة من البطل الصغير الأمير محمود.
ورأى جلال الدين ألاَّ يضيع الوقت بعد هذا النصر فى غير عمل يزيد فى قوته ليتمكن من الصمود أمام الانتقام المر الذى هَدَّدَ به جنيكز خان، وكان آخر ما فكر فيه جلال الدين فى ذلك الوقت هو نفس ما فكر فيه والده، وهو الاستنجاد بملوك المسلمين وأمرائهم فى مصر والشام ليساعدوه، وهم أصحاب الثروات الواسعة، ولكنهم خيبوا رجاءه كما فعلوا مع والده، فعزم على قتالهم قبل قتال التتار، وزحف إليهم ونهب أموالاً كثيرة وقتل الأطفال والنساء، وفعل بهم كما يفعل التتار المتوحشون، وكان فى نيته أن يواصل غَزْوَه حتى يعصف بأمراء الشام ومصر، ولكن الأنباء جاءته بتحرك (جنكيز خان) للانتقام منه، فرجع على عجل ليفرغ لقتال خصمه العنيد.
وكأنما أراد الله أن يعاقب السلطان على ما أنزله ببلاد المسلمين من دمار، فاختطف الأعداء طفليه (محمودٍ وجهادَ) وهو فى بلاد الأكراد، فانشغل بالبحث عنهما، واشتد حزنه عليهما حتى فقد صوابه، وعكف على الخمر وأصابه مَسٌّ منَ الجنون ، ويئس جنوده من رجوعه إلى صوابه، فتركه معظمهم ومعهم المجاهدون من مسلمى بخارى وسمرقند لمواجهة التتار الذين تدفقوا على المسلمين تدفق السيل، وصَمَد المسلمون صمود الجبال، ولكن طوفان التتار كان جارفاً فاكتسح كل ما أمامه حتى وصل إلى مقر جلال الدين ، ولم يكن معه إلا فئة قليلة صممت على عدم التخلى عنه فى محنته، والدفاع عنه فأركبوه على فرسه ونَجّوْا به، وطارده فرسان التتار حتى لجأ إلى جبل يسكنه الأكراد، ولجأ إلى أحدهم فحماه وأوصى امرأته بخدمته..
ولكن كرديا آخر لمحه وكان موتوراً منه لأنه قتل أخاه انتظر خلو البيت من صاحبه، وسدَّد حربته إلى السلطان فأخطأته، فاختطفها السلطان وكاد يقتل الكردىَ، ولكنه توقف عندما سمع الكردى يقول له :
"إن تقتلنى كما قتلت أخى فقد شفيت نفسى باختطاف ولديك، ولن أسلمهما لك إلا إذا أمنتنى على حياتى..." ولما أمنه ، خرج ليأتى له بولديه كما وعده، قال له وهو يسخر منه : لقد بعت ولديك لتجار الرقيق، ولن يعودا إليك أبدا، وهمَّ الكردى بالهرب لولا أن رأى السلطان يتمايل كالذى أصابه دوار، ويسقط على الأرض، فرجع الكردى، وصوَّب حربته إليه وأجهز عليه وهو مستسلم لا يقاوم، ويردد : أرحنى من الحياة، فلا خير فيها بعد ( محمود وجهاد ) أيها الحاج البخارى : ادع لى عند ربك عساه أن يغفر لى ذنوبى".
=======================================================================
الفصل الخامس
اختطاف محمود وجهاد
* أضواء على أحداث الفصل :
مات ( جلال الدين) ولم يعلم من أمر طفليه ( محمودٍ وجهادَ) شيئا غير أنهما اختطفا وبيعا لأحد تجار الرقيق بالشام، وقصة اختطافهما كانت قصة مثيرة، فقد صمم بعض الحاقدين على السلطان أن ينتقموا منه، لما ارتكبه من فظائع فى أهليهم وأطفالهم، وحاولوا اغيتاله، ولكنهم عجزوا، فرأوا الفرصة سانحة لاختطاف ثمرتى قلبه، حيث أبصروا (محمودا) ينطلق لصيد أرنب برى، وكان مُولَعًا بالصيد كخاله السلطان، وتبعته (جهاد) ولم يتبعهما أحد من الجيش اعتماداً على أن الحارسين (الشيخ سلامة وسيرون) كانا معهما، وهددوا الحارسين بالقتل، وقتل الأميرين إذا صاحا بكلمة.. ثم فروا بهم من ذلك المكان خوفاً من أن يلحق بهم جماعة من الجيش إذا استبطئوا عودتهم.
حاول (سيرون) الهرب فطعنه اللصوص طعنه قضت عليه، ثم غيروا اسم الطفلين إلى (قطز وجلنار)، وباعوهما إلى تجار الرقيق بمائة دينار.. ولم يقبل التجار شراء (الشيخ سلامة) لكبر سنه فحزن حزناً شديداً لأنه كان يود أن يصحب الطفلين لعلهما يستأنسان به أو يحتاجان لخدمته، ولكنه زودهما بنصائحه التى تفيدهم فى حياتهما الجديدة وكان منها :
* الصبر على قضاء الله حتى يأتى الفرج من عنده.
* الجزع لا يفيد شيئا بل يزيد البلاء والشقاء والأمراض.
* السمع والطاعة للتاجر الذى اشتراهما حتى يحسن معامتلهما ولا يؤذيهما. ويعرف قدرهما ولا يبيعهما إلا للأمراء والملوك والخلفاء حيث يعيشان فى قصور عظيمة لا تقل عن حياتهم الأولى.
إخفاء أنهما من أبناء السلطان جلال الدين عمن سيبيعهما التاجر له حتى لا يبالغ فى إخفائهما حين يبحث السلطان عنهما فور زوال هذه الغمة.
بثَُّ أمل العودة فى نفوسهما إلى ملكهما الضائع، وهزيمة التتار، وتذكيرهما بقصة سيدنا يوسف عليه السلام.
وَدَّعهما الشيخ سلامة وظل حزيناً بعد فراقهما متحسراً على استغلال سذاجتهما والتغرير بهما، فأصبح لا يذوق طعاماً أو شراباً حتى ساءت حاله ومات، ودفن فى نفس الجبل الذى لقى فيه السلطان حتفه على يد الكردى الموتور